للكاتب الكويتى " عبد الهادي الجميل " مقال نشرته جريدة " عالم اليوم " فى فبراير 2013، عندما كان حكام الخليج فى قمة الغليان بسبب ثورات الربيع العربى، وتسلم الشعوب زمام الأمور وخصوصا فى مصر.
وتم القبض على الكاتب ومنع نشر المقال.... لماذا؟
هذا ما سيجيب عنه المقال نفسه، وكنت حريصاً على ألا أترك كلمة أو حتى حرف من المقال :
" هل صنعنا شيئاً مفيداً للبشرية يبرر تباهينا المفرط بأنفسنا وتفاخرنا أمام العالم؟!
ما الذي حققته دول الخليج بعيداً عن النفط الذي تفجر تحت أقدامنا بفضل الصدفة التاريخية، وبقايا قطعان الماموث والديناصورات؟
لماذا نفتخر ببرج خليفة وبرج المملكة وبرج الحمراء التى لم يشارك مواطن خليجى واحد فى بناءها أو صنع طابوقة واحدة منها أو حتى فى وضع مخططها الإنشائي؟
النفط بنى كل شيء حولنا، وعندما ينضب فى وقت لم يعد بعيداً كما يبدو، سيستطيع الإنسان أن يصل إلى قمة هذه الأبراج مشيا فوق الكثبان الرملية الضخمة التى ستبتلع هذه الحضارة الاسمنتية الفارغة!!
أي حضارة ندعيها وننسب أنفسنا قسراً إليها؟!
الحضارة الحقيقية شيئ آخر مختلف تماماً عن الحضارة التى تروج لها وتدعيها حكومات الخليج وابواقها من الصحافيين والمستشارين وضاربي الدفوف وحاملي المباخر.
العالم كله يتجه نحو المستقبل ودويلتنا الست التى تدور حول نفسها كالمغزل الصديء!
تاهت البوصلة وزاغت الأعين، واستعصت الدفة على الأيدي الأمينة.
متى يعي حكام الخليج بأنهم ليسوا آلهة وإن حاول البعض ايهامهم بذلك من خلال السجود لهم وتقبيل كتوفهم وانوفهم وايديهم؟
متى يعي حكام الخليج بأن الشرعية لا يحققها تكديس الثروات ولا شراء الولاءات ولا الضرب بالهراوات ولا الحماية الأجنبية.
الشرعية الوحيدة التى ينبغى أن يحرصوا عليها، موجودة فى قلوب شعوبهم الوفية الصابرة التى لم تعد قادرة - مؤخراً - على الصبر أكثر!
متى تعي العائلات الحاكمة بأن العالم الآن غير العالم السابق، وأن شعوب اليوم ليست شعوب الماضى، وأن المواطن الخليجى لن يكترث بمستقبل النظام الحاكم، متى ما شعر بأن مستقبل أبناؤه فى خطر؟!
متى تعي العائلات الحاكمة بأن مثيلاتها قد زالت من العالم، وأن بقاءها فى الخليج لن يطول أكثر دون العدالة والمساواة وإحترام حقوق الشعوب وكبح جماح الفاسدين من أبناء الحكم والطبقة المحيطة بهم!
متى تعي العائلات الحاكمة بأن المعتقلات المكتظة لم تنقذ القذافي، وأن حسني مبارك سقط أولاً فى ميدان التحرير، وأن قاذفات " الميج " دمرت حلب ولكنها لم تنجح فى تدمير أطفالها، وأن قبيلة " على عبد الله صالح " ضحت به، فى اللحظة التاريخية الحاسمة فداء لليمن؟!!
متى تعي العائلات الحاكمة بأنهم لن ينالوا إحترام الشعوب، وهم لا يجهدون أنفسهم من أجل نيل هذا الإحترام؟
لماذا يريدون أن تؤمن بالدساتير والقوانين التى لم يؤمنوا بها لحظة واحدة رغم أنهم من وضعوها وفصلوها على مقاساتهم؟
لماذا تتصرف العائلات الحاكمة بأموال الشعوب وكأنها إرث شرعى انتقل إليها من الآباء والأجداد، ثم يحاولون إقناعنا بأنهم أكثر زهدا من الخليفة " عمر بن عبدالعزيز "
لماذا يتحدث بألسنتكم بعض الفاسدين ويحيط بكم بعض المشبوهين ويستقوي بكم أرباب السوابق ويدافع عنكم الحقراء ويلتصق بكم المستشارين الذين ارضوكم فاغضبوا الله والشعب؟!!!
لماذا لا تقرأون التاريخ كى تتعلموا بأن الثورات لا تشتعل ذاتيا فى العراء.
بل تندلع شرارتها فى الصدور وتضطرم فى الشوارع وتنفجر فى القصور؟
إنتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق