الاثنين، 15 يناير 2018

جمال الجمل: تيران.. متاهة الجنرال المنبوذ.

***  تيران وصنافير، ليست " خناقة على حتة أرض "، لكنها قضية إنتماء ومفرزة وأخلاق ومعادن ناس.
من غباء الطغاة أنهم يتركون أثراً باقياً لجرائمهم، هذا عدا أنهم لم يستطيعوا يوما قتل الأفكار، فقط ينجحون فى إصطياد الجثث، لذلك فإن الإبداع والذكرى والغناء من أشد أعداء الطغاة، قد يذكرنا ذلك بورد محمود درويش الأقل وهو يحكى عن خوف الطغاة من الأغنيات، وخوف الغزاة من الذكريات الشبحية التى تطاردهم حتى لو عادوا إلى بيوتهم واهمين بالنصر.
فى مثل هذا اليوم قبل عام واحد، نشرت نصا إبداعيا عن " تيران وصنافير " للروائي والشاعر المبدع إبراهيم البجلاني، ومن عجب العباسين أنهم قاموا بحذف المقال بعد ساعات من نشره، مع مقدمة فيسبوكية كنت قد قدمت بها المقال مؤكداً أن تيران وصنافير، ليست " خناقة على حتة أرض " لكنها قضية انتماء ومفرزة لقيم وأخلاق ومعادن ناس.
لهذا فإن المقالات السياسية وحدها والمرافعات القانونية وحدها، والمظاهرات السياسية وحدها... لا تكفى للتعبير عن حقيقة القصة...
الحكاية ستكون أكمل وأشمل وأجمل عند تناولها فى الروايات والسينما والشعر، وهذا سر إختياري لقصيدة صديقي المبدع إبراهيم البجلاني عن تيران وصنافير، لأنها رصاصة تعبير خالدة فى سماء الأجمل والأبقي، فالأرض ستبقى، وسوف تذهب الأخبار ونفايات المتسعودين، كما يذهب الجنرال معزولا منبوذا إلى متاهة الساقطين من تاريخ الوطن.
*** المقال القصيدة. (١) :
قبل عام أو أكثر / وأنا أمسح التراب عن مرآة مذهبة / ذكرت شيئا عن الجغرافيا..
عن خرائط فى كتاب الوزارة بالأبيض والأسود / المطلوب أن نعيد رسمها
أو أن نشفها / وان نعطي التفاصيل ألوانا :
الأزرق للبحر
والأخضر للسهل
والأصفر للصحراء
والبنى للجبال
الجزر كانت تضيع غالبا في الحبر
أو تنسي..
زائدة على الجبل
فائضة عن البحر
(٢)
أتذكر الآن أن مدرس الحساب..
كان جنديا سابقاً / سريع البكاء / سريع الغضب..
قال لنا مرة إنه عاد سابحا / من جزيرة فى البحر / وماشيا من شبه جزيرة كبرى / وإنه ترك الكثير من لحمه / فى الرمل

(3)
قال لنا :
لونوا هذه الجزر بالأحمر / كقطع من الروح..
كنا صغاراً / فلم ندرك ما يقول / ولم نفهم / أن الخلجان ليست بيتا ضيقا للسمك / وليست جنة مغلقة على الشعب المرجانية
(٤)
وقال لنا :
اعتذروا لشاعر قال :
" الدرس انتهى.... لموا الكراريس "
يا أولاد لا تقفلوا الكراريس / ولا تجمعوها
فأمامكم الكثير لتعرفوه
بعد أعوام قليلة / قال شاعر آخر :
" لا تصالح "
وبعد أعوام أخر / قال شاعر :
" العالم يكتمل انحنائي / كي تطير الطائرات على إرتفاع منخفض "
(٥)
ثم ماذا؟
(٦)
سيقضي الجنرال أعواماً طويلة فى متاهة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق